الخوف من زعل العائلة

تصنيف أولي: 

 فوبياقام خالي في يوم من الأيام باستدعائي، وبدأ بإلقاء محاضرة طويلة عن الحياة والالتزام والعائلة وكيف سيموت قريباً. وبما أنني سمعت هذه المحاضرة آلاف المرات فقد تظاهرت بالإنصات بإهتمام له، حتى وصل إلى عبارة جديدة: «فطّومة... بنت حلوة... »

لقد غمرني شلال من العرق البارد البارد، وأصبت فجأة بالإسهال المزمن. لأن المشكلة أن فطّومة المذكورة أعلاه هي بنت خالي.

خالي هو من علّمني مهنة قيادة الطرطيرة، وهو من ساعدني في شراء طرطيرتي الخاصة. وهو من أشرف على تلقيني أصول العمل في السوق وكيف نلعب على الزبون الغشيم.

لقد تربينا مع بيت خالي منذ الصغر، وكنا نذهب ونأتي كل يوم بين بيتنا وبيتهم، ونقطع مسافة تزيد عن خمسة أمتار. حتى أنني في فترة من الفترات لم أعد أعرف من هو أبو فطومة: خالي أم أبي؟.

لا تفهموني غلط يا جماعة... فإن فطومة هي شخص رائع، لكنها بالنسبة لي كأخي الأكبر مني، فعقلها راجح وهي مثقفة تحضر المسرحيات وتحفظ قصيدة لنزار قباني.

إن بيننا علاقة مميزة، فهي توجهني إلى الطريق الصحيح، ولن أنسى يوم كادت تخلع رقبتي بكفها الضخم عندما «استَعَرْتُ » قطعة حلوى من عمو البائع دون أدفع ثمنها. أظنكم فهمتم لم اعتبرها كأخي الكبير.

فطّومة التي ساعدتها على «تطبيق » زميلها في الجامعة، وساعدتني على التعرّف على أحلى الصبايا وأظرفهن. يعني أننا نفهم بعضنا بطريقة خاصة.

فطّومة التي كنت أشتري لها بعض مستحضرات التجميل، ثم ألمحها أحياناً وهي تنتف شعر ساقيها، فينتابني شعور بين الإشمئزاز من المنظر والشفقة على المسكين الذي سيتزوجها.

وعندما حاولت نقاش خالي قال لي: «أنت لا تفهم في هذه الدنيا، دع الكبار يحددون لك حياتك. ثم إن هذا يبقي العائلة مجموعة ومتحدة .»

لم أفهم خالي يوماً، فهو يريد الاحتفاظ بأولاده حتى بعد زواجهم، ويخاف على أمواله حتى ولو أنه لا يملك سوى طرطيرة قديمة باعها لابنه. الشيء الوحيد الذي سنحتفظ به في العائلة هوالإعاقات العقلية وأمراض القلب والسرطان.

وتكاثرت العائلة عليّ، وزعلت أمي وهددتني بأنها ستغضب ليوم القيامة، وبصق عمي عليّ وعلى أفكاري. وغضب جارنا السمّان...

طبعاً أنا لست بشجاعتكم، فها أنا جالس في العرس بالقرب من فطومة، والكل سعيد ويرقص، إلا أنا وهي، فأنا متأكد من أنهاتحس بنفس الشعور... الغرابة

هل نبقى وحدنا بعد ساعات، وكيف لنا أن نحصل على ما يشعر الرجل تجاه المرأة والمرأة تجاه الرجل خلال ساعة ونحن لم نشعر بهذا لسنين.